حق الخبراء فى المعارضه والمطالبه بزيادة تقدير الأتعاب المقررة لهم .

0
985

 

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ عبدالبارى محمد شكرى

                                            نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمه

وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ السعيد عبده جاهين، ومحمد الشيخ على، وحسونة توفيق حسونة، ود. سميرعبدالملاك منصور.                نواب رئيس بمجلس الدوله

وبحضورالسيد الأستاذ المستشار/ أسامة راشد .                   مفوض الدوله

وسكرتارية السيد/ وائل محمد عويس.                           سكرتيرالمحكمه

الطعن رقم 3486 لسنة49 قضائية .عليا:

مصلحة الطب الشرعى – خبراء – عدم وضع حد أقصى لما يجب أن يحصل عليه الخبير من أتعاب.

المواد 1 ، 58 ، 247 ، 248 ، 249 من قانون تنظيم الخبرة أمام جهات القضاء الصادر بالقانون رقم 96 لسنة1952.

لائحة مصلحة الطب الشرعى الصادرة بقراروزير (الحقانية) العدل فى 28/11/1928 والمعدلة فى 6/6/1943.

لائحة الطب الشرعى نظمت استحقاق خبراء الطب الشرعى لأتعابهم، وقد حرصت على عدم وضع حد أقصى لما يجب أن يحصل عليه الخبير من تلك الأتعاب أو تحديدها بنسب معينة، كما حرصت أيضاً على عدم وضع أية قيود تمنع الخبراء من المعارضة فى تقدير الأتعاب، ومن ثَمَّ فلا يجوزالانتقاص من تلك الحقوق التى قررها المشرع بأداة أدنى من الأداة التشريعية التى تقررت بها تلك الحقوق – تطبيق.

الإجراءات

فى يوم الأربعاء الموافق 22/1/2003 أودعت هيئة قضايا الدولة نيابة عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن فى الحكم المشار إليه، الذى قضى منطوقه بقبول الدعوى شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء القرارالمطعون عليه رقم 2892 لسنة 2000 فيما تضمنه فى مواده أرقام (5)، (8)، (9) من وضع حد أقصى لما يحصل عليه الخبيرمن أتعاب ووضع الفائض فى صندوق خاص بمصلحة الطب الشرعى، وحظرالمعارضة فى قيمة الأتعاب التى تقدرها جهات القضاء للخبراء، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.

وقد طلب الطاعن فى ختام تقرير الطعن – للأسباب الواردة به – الحكم بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، وبقبول الدعوى شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجدداً برفض الدعوى، وإلزام المطعون ضدهم بالمصروفات عن درجتى التقاضى.

وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانونى ارتأت فيه ــ لما قام عليه من أسباب ــ الحكم بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعاً، وإلزام الطاعن المصروفات.

وقد نظرت المحكمة الطعن على النحو الثابت بمحاضر جلسات المرافعة، وبجلسة 11/2/2007 قررت المحكمة حجز الطعن للحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.

المحكـمـــه

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، والمداولة.

وحيث استوفى الطعن الأوضاع الشكلية المطلوبة.

وحيث تتحصل واقعات الطعن – حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن الأخرى – أنه بتاريخ 24/8/2000 أقام المطعون ضدهم الدعوى رقم 12652 لسنة 54 ق. بعريضة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى طلبوا فى ختامها الحكم بقبول الدعوى شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء المواد (5)، (8)، (9) من القرارالوزارى رقم 2892 لسنة 2000 فيما تضمنه من نصوص تنتقص من حقهم الشخصى الذى يستمدونه مباشرةً من القانون على النحو المفصل بعريضة الدعوى، وما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام جهة الإدارة المصروفات.

وقال المطعون ضدهم – شرحاً لدعواهم – إنهم من خبراء التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعى، وإنه طبقاً لنص المادة (58) من القانون رقم 96 لسنة 1952 بتنظيم الخبرة أمام جهات القضاء ونصوص لائحة مصلحة الطب الشرعى، فإن الأتعاب التى تقدرلخبراء مصلحة الطب الشرعى فى حالة الندب فى القضايا الجنائية بناءً على طلب المدعى بالحق المدنى أمام المحاكم الجنائية، وكذا فى حالة الندب الذى يتم من المحاكم الأخرى على اختلاف درجاتها تكون حقاً خالصاً لهم ولا تدخل ضمن إيرادات الخزانة العامة، وهو ما استقر عليه إفتاء الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع بمجلس الدولة.

وأضاف المطعون ضدهم أن وزيرالعدل أصدر القراررقم 2892 لسنة 2000 بتاريخ 25/6/2000 المطعون فيه متضمناً فى مادته الخامسة أن الأتعاب المقررة لخبراء مصلحة الطب الشرعى وخبراء قسم أبحاث التزييف تُصرف لهم مرة واحدة كل شهر فى نهايته وبحد أقصى 400% من الراتب الأساسى لرئيس القطاع ونواب كبير الأطباء الشرعيين، و380% للدرجات العليا ومديرى العموم، و370% للأطباء الشرعيين الميدانيين وخبراء قسم أبحاث التزييف والتزوير… إلخ، كما تضمَّن القرار فى مادته الثامنة النص على وضع الفائض المتبقى بعد توزيع تلك الأتعاب بالحدود السابقة فى صندوق خاص بمصلحة الطب الشرعى، يصدر بتشكيله وإدارته وأغراضه وكيفية الصرف منه قرار وزارى مستقل، كما تضمَّن القرار ذاته فى مادته التاسعة النص على أنه “لا يجوز لأية منطقة أو إدارة أو قسم بمصلحة الطب الشرعى مخاطبة المحاكم أو النيابات لزيادة قيمة الأمانات المقررة فى بادئ الأمر.

ونعى المطعون ضدهم على ذلك القرار مخالفته للقانون فيما يتعلق بمواده أرقام (5)، (8)، (9)، ذلك أن الأتعاب المقررة لخبراء مصلحة الطب الشرعى حق خالص لهم لا يجوز الانتقاص منه أو وضع حد أقصى لما يجب أن يحصل عليه الخبير منها، ومن ثَمَّ فإن وضع فائض تلك الأتعاب بعد توزيعها بحد أقصى على الخبراء فى صندوق خاص، يُعدُّ مخالفاً للقانون بالتبعية لأنه يترتب على وضع حد أقصى لما يحصلون عليه من تلك الأتعاب، كما أن حظر مخاطبة خبراء المصلحة للمحاكم أو النيابات لزيادة قيمة الأمانات للخبراء يُعدُّ مخالفاً للقانون الذى قرر جواز معارضة الخبير فى أمر تقدير أتعابه فى ظرف الثلاثة أيام التالية لإعلانه بأتعابه، ومن ثَمَّ فإن تلك المواد تُعدُّ مخالفة لأحكام القانون 96/1952 بتنظيم الخبرة أمام جهات القضاء، وهو الأمر الذى حدا بهم لإقامة دعواهم الماثلة بغية الحكم لهم بطلباتهم سالفة البيان.

وقد جرى تحضير الدعوى بمعرفة هيئة مفوضى الدولة، وتدوولت على النحو المبين بمحاضر جلسات التحضير؛ حيث أُوْدِعَ تقريرٌ مسبب بالرأي القانونى ارتأت فيه الحكم بقبول الدعوى شكلاً، وفى الموضوع أولاً: بإلغاء قرار وزير العدل رقم 2892 لسنة 2000 فيما تضمنته مادتاه الخامسة والثامنة من وضع حد أقصى لما يحصل عليه الخبير من أتعاب الخبراء، ووضع الفائض المتبقى بعد توزيع الأتعاب بالحدود القصوى فى صندوق خاص بمصلحة الطب الشرعى، مع ما يترتب على ذلك من آثار.

ثانياً: فيما تضمنته مادته التاسعة من حظر معارضة أى منطقة أو قسم أو إدارة بمصلحة الطب الشرعى فى قيمة الأتعاب التى تقدرها لهم جهات القضاء من محاكم أو نيابات، مع ما يترتب على ذلك من آثار، مع إلزام جهة الإدارة المصروفات.

وبجلسة 25/11/2002 أصدرت محكمة القضاء الإدارى حكمها المطعون فيه المنوه عنه بصدر هذا التقرير، وقد شيدت المحكمة قضاءها على أساس أن قرار وزير العدل رقم 2892 لسنة 2000 قد وضع حداً أقصى لما يجب أن يحصل عليه الخبراء والأطباء الشرعيون بمصلحة الطب الشرعى وجعله نسبة معينة من الراتب الأساسى، كما حظر على الخبراء المعارضة فى أمر تقدير الأتعاب وكل ذلك بالمخالفة لأحكام القانون رقم 96 لسنة 1952، وهو الأمر الذى تكون معه تلك النصوص قد تجاوزت النظام المحدد لها وعدلت بعض نصوص القانون، وهو ما لا يجوز لها، مما يتعين معه القضاء بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنته نصوص المواد (5)، (8)، (9)، وعلى ذلك أصدرت المحكمة حكمها المشار إليه.

وإذ لم يلق هذا القضاء قبولاً لدى الطاعن، فقد نعى عليه مخالفته للقانون والخطأ فى تطبيقه وتأويله بحسبان أن القرار المطعون فيه ينظم استحقاق الأطباء الشرعيين للأتعاب المقررة لهم حسب النسب التى تضمنها هذا القرار، محسوبة على الأجر المستحق لكل منهم، ومن ثَمَّ فإن مثل هذا القرار لا يكون قد وضع حداً أقصى لما يستحقه الطبيب، وإنما حدد للطبيب نسبة من الأجر المستحق له، كما أنه لا يحول بين الطبيب وبين المعارضة فى الأتعاب المقدرة له، الأمر الذى يكون معه القرار الطعين قد صدر متفقاً وصحيح حكم القانون رقم 96 لسنة 52ق.

واختتم الطاعن تقرير الطعن – للأسباب الواردة به – بطلب الحكم بطلباته المنوه عنها بصدر هذا التقرير.

وحيث تنص المادة رقم (1) من قانون تنظيم الخبرة أمام جهات القضاء الصادر بالقانون رقم 96 لسنة 1952 على أن: “يقوم بأعمال الخبرة أمام جهات القضاء خبراء الجدول الحاليون وخبراء وزارة العدل ومصلحة الطب الشرعى والمصالح الأخرى التى يُعهَدُ إليها بأعمال الخبرة، وكل من ترى جهات القضاء عند الضرورة الاستعانة برأيهم الفنى…”.

وتنص المادة (58) من القانون ذاته على أن: “الأتعاب والمصروفات التى تقدر لخبراء وزارة العدل والمصالح الأخرى المعهود إليها بأعمال الخبرة تعتبر إيراداً للخزانة العامة؛وفيما يتعلق بمصلحة الطب الشرعى تتبع اللوائح المقررة لذلك”.

وتنص المادة (247) من القانون ذاته على أن: “تقدر أتعاب الخبير ومصاريفه بأمر يصدر على عريضة من رئيس الدائرة التى عينته، أو قاضى محكمة المواد الجزئية التى عينته بمجرد صدور الحكم فى الموضوع…”.

وتنص المادة (248) من القانون ذاته على أن: “يستوفى الخبير ما قدّر له من الأمانة، ويكون أمر التقدير فيما زاد عليها واجب التنفيذ على من طَلَبَ تَعيينَه من الخصوم، وكذلك على الخصم الذى قُضِى بإلزامه بالمصاريف”.

وتنص المادة (249) من القانون ذاته على أن: “للخبير ولكل خصم فى الدعوى أن يعارض فى أمر التقدير، وذلك فى ظرف الثلاثة أيام التالية لإعلانه”.

ومفاد ما تقدم أن المشرِّع فى قانون تنظيم الخبرة أمام جهات القضاء سالف البيان قد جعل الأتعاب والمصروفات التى يتم تقديرها لخبراء وزارة العدل والمصالح الأخرى المعهود إليها بأعمال الخبرة إيراداً للخزانة العامة، إلاَّ أنه استثنى من ذلك خبراء مصلحة الطب الشرعى؛ حيث قرر أن تُتَّبع فى شأن أتعابهم القواعد التى تقدرها اللوائح الخاصة بهم”.

ومن حيث إن لائحة مصلحة الطب الشرعى الصادرة بقرار وزير (الحقانية) العدل فى 28/11/1928 ، المعدلة فى 6/6/1943 تنص فى مادتها الخامسة على أن: “1-………. 2-لا تدفع للأطباء الشرعيين أو الكيماويين أتعاب فى المهام التى ينتدبون لها من المحاكم والنيابات الأهلية والبوليس فى الحوادث الجنائية، وإنما يحق لهم الاستيلاء على أتعاب فى القضايا الجنائية التى لا يكون ندبهم فيها آتياً من المحكمة أو النيابة العامة مباشرةً؛ بل يكون بناءً على طلب مجنى عليه مدعٍ بالحقوق المدنية، أى إذا كان الندب لمصلحة الدعوى المدنية، وهذه الأتعاب تكون مناسبة، وتقدرها لهم الهيئة المنتدبة، وتُودَع على ذمتهم فى خزانة المحكمة. 3-يجوز لجميع المحاكم بكافة درجاتها وللمجالس الحسبية والملية انتداب من يعينهم وزير العدل من الأطباء الشرعيين والكيميائيين الخبراء فى المسائل الطبية، على أن يكون هذا الانتداب مقابل أتعاب تقدرها لهم هذه الهيئات”.

ومن حيث إن مفاد ما تقدم أن لائحة الطب الشرعى نظمت استحقاق خبراء الطب الشرعى لأتعابهم، فجعلت أتعاب الخبير المقدرة له فى حالة ندبه فى القضايا الجنائية الذى يقع من المحكمة أو النيابة العامة مباشرةً إيراداً للخزانة العامة، أمَّا فى حالة الندب فى القضايا الجنائية الذى لا يتم من المحكمة أو النيابة العامة مباشرةً، وإنَّما بناءً على طلب المدعى بالحق المدنى، أى لمصلحة الدعوى المدنية المعروضة أمام المحاكم الجنائية، أو الندب الذى يتم من المحاكم الأخرى على اختلاف درجاتها فى المسائل الطبية، فإن الندب يكون مقابل أتعاب تقدرها الهيئات المنتدبة، ومن حقهم الاستيلاء على تلك الأتعاب، وتُودََع على ذمتهم فى خزانة المحكمة، وقد حرصت اللائحة عندما نَظَّمت استحقاق خبراء الطب الشرعى لأتعابهم على عدم وضع حد أقصى لما يجب أن يحصل عليه الخبير من تلك الأتعاب أو تحديدها بنسب معينة، كما حرصت أيضاً على عدم وضع أية قيود تمنع الخبراء من المعارضة فى تقدير الأتعاب، ومن ثَمَّ فلا يجوز الانتقاص من تلك الحقوق التى قررها المشرع بأداة أدنى من الأداة التشريعية التى تقررت بها تلك الحقوق.

وبإنزال ما تقدَّم على واقعات الطعن الماثل، ولماَّ كان الثابت أن قرار وزير العدل رقم 2892 لسنة 2000 المطعون فيه قد نص فى مادته الخامسة على أن: “تُصرف المكافآت المنصوص عليها فى المواد السابقة مرة واحدة فى نهاية كل شهر للأطباء الشرعيين الميدانيين وخبراء قسم أبحاث التزييف والتزوير بنسب مقرونة بالراتب الأساسى وبحد أقصى 400% لرئيس القطاع ونواب كبير الأطباء الشرعيين، 380% للدرجات العليا ومديرى العموم، 370% للأطباء الشرعيين الميدانيين وخبراء قسم أبحاث التزييف والتزوير،300% للدرجات العليا ومديرى العموم من الأطباء الشرعيين المعمليين والكيماويين ، 250% للأطباء الشرعيين والكيماويين، 200% للعاملين الفنيين والإداريين والكاتبين والجهات المعاونة والعمال بالقطاع”.

كما نص فى مادته الثامنة على أن: “يُودَع الفائض المتبقى بعد توزيع المكافآت والأتعاب بالنسب السابقة فى نهاية كل شهر فى صندوق خاص بمصلحة الطب الشرعى يصدر بتشكيله وتنظيمه وإدارته وأغراضه وكيفية الصرف منه قرار وزارى مستقل”.

ونصت المادة التاسعة من القرار ذاته على أن: “لا يجوز لأىّ منطقة أو قسم أو إدارة بمصلحة الطب الشرعى مخاطبة المحاكم أو النيابات لزيادة قيمة الأمانات المقدرة فى بادئ الأمر”.

وحيث إن خلاصة ما تقدم أن المشرع فى قانون تنظيم الخبرة سالف الذكر قد نص صراحةً على أن الأتعاب والمصروفات التى تقدَّر لخبراء وزارة العدل والمصالح الأخرى المعهود إليها بأعمال الخبرة تعتبر إيراداً للخزانة العامة، واستثنى من ذلك خبراء مصلحة الطب فتَرَك تنظيم أمرهم للوائح المقررة لذلك.

وحيث إن الثابت مما تقدم أن لائحة مصلحة الطب الشرعى الصادرة بقرار وزير الحقانية فى 28/11/1928 معدلاً فى 6/6/1943 قد جعلت لخبراء المصلحة الحق فى الاستيلاء على الأتعاب التى تقدرها لهم المحاكم والهيئات الأخرى فى حالة ندبهم بناءً على طلب المجنى عليه أو المدعى بالحقوق المدنية، ولم تضع هذه اللائحة حداً أقصى لما يتقاضاه خبراء المصلحة، إلا أن ذلك لا يعنى أن تظل أحكام هذه اللائحة أبدية؛ بل يسرى عليها كل ما يسرى على التشريعات واللوائح التنظيمية من حين لآخر استجابةً لتغيير الظروف، فيجوز تعديلها بزيادة أو انتقاص بعض الحقوق والواجبات التى نصت عليها ما دام التعديل يتم بذات الأداة التشريعية.

وحيث إن الثابت مما تقدم أن وزير العدل – وهو السلطة التى أصدرت لائحة مصلحة الطب الشرعى – قد أصدر القرار المطعون فيه متضمناً تنظيم ونسب صرف الأتعاب والمكافآت لخبراء المصلحة، على أن يوضع الفائض فى نهاية كل شهر فى صندوق خاص بمصلحة الطب الشرعى يصدر بتنظيمه وإدارته وأغراضه وكيفية الصرف منه قرار وزارى مستقل، فمِن ثَمَّ يكون هذا القرار تعديلاً لبعض نصوص اللائحة بذات الأداة التشريعية وليس فى ذلك مخالفة القانون.

وحيث إنه عن نص المادة التاسعة من هذا القرار، والتى تحظر على أىّ منطقة أو قسم أو إدارة بمصلحة الطب الشرعى مخاطبة المحاكم أو النيابات لزيادة قيمة الأمانات المقدرة فى بادئ الأمر، فإن ذلك يتضمن تعديلاً للقانون بأداة أدنى، وهذا ما لا يجوز قانوناً.

وحيث إنه لما تقدم يكون القرار المطعون فيه مخالفاً لأحكام القانون فى نص المادة التاسعة فقط، وهو ما يتعين إلغاؤه، أمَّا ما عدا ذلك فتكون الدعوى غير قائمة على سند من القانون وحقيقةً بالرفض.

وحيث إن الحكم المطعون فيه قضى بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من نصوص المواد (5)، (8)، (9) جميعاً فإنه يكون غير متفق وأحكام القانون فيما قضى به من إلغاء نص المادتين (5)، (8) وهو ما يوجب إلغاء هذا الحكم، والقضاء بإلغاء المادة (9) فقط.

وحيث أخفق كلٌ من الطرفين فى بعض طلباته، فمِن ثَمَّ تقضى المحكمة بإلزامهما بالمصروفات مناصفةً، عملاً بحكم المادة (186) من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة : بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من نص المادة (9)، ورفض ما عدا ذلك من طلبات، وألزمت كلاً من جهة الإدارة والمطعون ضدهم بالمصروفات مناصفةً.